اضطراب عسر الكتابة
تعتبر تنمية مهارة الخط والتعبير الكتابي من أهم الكفايات الأساس التي ينبغي العمل
على تحقيقها لدى المتعلمين منذ التحاقهم بالمدرسة، فبالكتابة يستطيع الطفل التعبير
عن كل ما يجول بخاطره من أفكار وما ينتابه من مشاعر وأحاسيس، وإبراز قدراته ومجالات
اهتمامه. والتعبير الكتابي - كما عرفه المختصون – هو قدرة الشخص على نقل أفكاره
ومشاعره وأحاسيسه إلى الآخرين بشكل كتابي باستخدام مجموعة من القواعد اللغوية (الخط،
الإملاء، النحو والصرف..) وعلامات الترقيم. إلا أن العديد من المتعلمين يعانون من
صعوبة في اكتساب هذه المهارة وتنميتها، هؤلاء الأطفال يعانون من أحد أكثر اضطرابات لتعلم انتشارا في صفوف المتعلمين والطلبة، ألا وهو اضطراب عسر الكتابة
(الديسغرافيا) Dysgraphia. فما هو
اضطراب الديسغرافيا؟ وما هي أعراضه؟ وما هي سبل علاجه؟
من خلال هذا المقال، وبعدما تحدثنا في مقالات سابقة عن كل من اضطراب عسر القراءة (الديسليكسيا ) و اضطراب عسر الحساب (
الديسكالكوليا)، سنحاول تناول هذا الاضطراب بالشرح والتفصيل عسى أن
يوفقنا الله لتذليل الصعاب أمام زملائنا الأساتذة ومساعدة أبناءنا التلاميذ على
التغلب هذا الاضطراب أو التخفيف من حدته.
ما هو اضطراب عسر الكتابة؟
اضطراب عسر الكتابة (الديسغرافيا) هو اضطراب يسبب صعوبة كبيرة في الكتابة
اليدوية (إما في الخط او في الإملاء أو فيهما معا) ويِقلل من قدرة الشخص على كتابة
الحروف والكلمات يدويا بشكل سليم، كما يقلل من القدرة على الترميز الإملائي.
واضطراب عسر الكتابة غالبا ما يكون مصحوبا ببعض الاضطرابات الأخرى كاضطراب عسر القراءة(الديسليكسيا) واضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة أو اضطراب التنسيق التنموي ...
وكلمة ديسغرافيا Dysgraphiaهي كلمة يونانية الأصل،
مشتقة من كلمتين رئيسيتين وهما: Dys و تعني صعوبة، وكلمة Graphia وتعني الكتابة باليد. وقد تمت الإشارة إلى اضطراب
الكتابة في الدليل التشخيصي والإحصائي الرابع للاضطرابات النفسية (DSM-IV) على أنه صعوبة في التعلم عندما تكون
القدرات الخاصة بمهارة الكتابة لدى الأفراد بشكل أقل من المتوقع. مع الأخذ بعين
الاعتبار عمر الشخص ومستوى الذكاء لديه.
ما هي أعراض اضطراب عسر الكتابة؟
ليس كل شخص خطه سيئة وغير واضح فهو يعاني من اضطراب
عسر الكتابة كما يعتقد البعض، وإنما هناك الكثير من الأعراض التي تؤشر على إصابة
الشخص بهذا الاضطراب نذكر منها:
-
خط
غير متناسق ومن الصعب قراءته.
-
كتابة
حروف كبيرة الحجم وأخرى ذات حجم صغير.
-
حروف
وكلمات غير منظمة وتفصلها مسافات مختلفة (سوء تدبير المسافات بين الكلمات والجمل
والعبارات).
-
مسك
القلم بطريقة غير سليمة.
-
سوء
استخدام الهوامش والخطوط الموجود على الورقة أو الدفتر.
-
نقص
القدرة على التفكير والكتابة في آن واحد.
-
صعوبة
في تصور أشكال الحروف والكلمات قبل كتابتها.
-
الاعتماد
بشكل كبير على الرؤية أثناء الكتابة.
-
عدم
وضوح الخط.
-
صعوبة
في فهم الهوموفون
(كلمات متشابهة في اللفظ ومختلفة المعنى).
-
عدم
الانتباه إلى بعض التفاصيل الدقيقة أثناء كتابة الكلمات والعبارات.
-
الإكثار
من محو الكلمات المكتوبة.
-
ثني اليد على شكل حرف L أثناء الكتابة.
-
في بعض الحالات قد يشعر
الشخص بهذا الاضطراب بألم جراء تقلصات في الأصابع والرسغ...
-
بطء ومشقة كبيرين في الكتابة.
-
نطق
الكلمات التي يكتبها بصوت مرتفع أثناء الكتابة.
-
مراقبة
حركات اليد أثناء الكتابة.
أسباب الإصابة باضطراب عسر الكتابة:
اضطراب عسر الكتابة هو اضطراب بيولوجي راجع بالأساس
إلى أسباب وراثية ودماغية، وبالتحديد إلى مشكلة في الذاكرة العامة؛ حيث إن الأشخاص
الذين يعانون منه يفشلون في تطوير روابط بين مختلف مناطق الدماغ المتدخلة في عملية
الكتابة، وبالتالي فإنهم يجدون صعوبة كبيرة في تذكر تسلسل الحركات اللازمة لكتابة
الحروف والأرقام.
كما يمكن أن يكون هذا الاضطراب ناتج عن أسباب أخرى
مثل:
-
التأخر
الدراسي والتخلف العقلي.
-
اضطراب
الضبط الحركي بحيث يكون الطفل غير قادر على ضبط حركات أعضاء جسمه بما فيها اليد
باعتبارها العضو المسؤول عن الكتابة.
-
اضطراب
الإدراك البصري بحيث يكون الطفل غير قادر على التمييز بين مختلف الأشكال والحروف
والأرقام.
-
اعتماد
المدرسين طرائق وبيداغوجيات لا تراعي الفروقات الفردية بين المتعلمين ولا تحترم
خصوصيات كل طفل على حدة.
-
إهمال
الطفل من طرف أفراد أسرته وعدم مواكبتهم له.
علاج اضطراب عسر الكتابة:
عسر الكتابة من بين الاضطرابات التي لا يوجد علاج
نهائي، إلا أنه يمكن التخفيف من حدته ومساعدة الشخص المصاب به من تطوير مهاراته الكتابية
ومتابعة دراسته بشكل عادي من خلال:
-
علاج
الاضطرابات الحركية في حال وجودها.
-
استخدام
وسائل وأدوات وتقنيات خاصة لتعلم الكتابة (أقلام وأدوات من الحجم الكبير وذات مقابض
خاصة، أوراق ذات خطوط بارزة ...).
-
إعطاء
الوقت الكافي للأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب من أجل إنجاز المهام الكتابية.
-
مداومة
التدرب على الكتابة مع تقديم المساعدة اللازمة.
-
الاستعانة
-عند الضرورة- ببرامج وتطبيقات إلكترونية مخصصة لهذا الغرض.
وختاما:
يبقى الحل الأمثل للتغلب على مثل هذه الصعوبات هو
اعتماد طرائق وبيداغوجيات تجعل من المتعلم محور كل عملية تعليمية تعلمية ومراعات
الفروقات الفردية بين المتعلمين والاستعانة بأطباء وأخصائيين في تشخيص حالة كل
متعلم يعاني من اضطراب يعيق تقدم مستواه الدراسي وتطوير مهاراته.
ذ. فؤاد أبشري