الديسليكسيا
تعتبر القراءة من أهم الكفايات الأساس التي ينبغي على المتعلم التمكن منها في أولى مراحل التعلم باعتبارها شرطا أساسيا لاكتساب المهارات الأخرى. فبالقراءة وفك الرموز، يستطيع الانفتاح على مختلف المكونات والمهارات الأخرى واكتسابها، ومن دون التمكن منها سيواجه صعوبات جمة خلال مساره الدراسي. فما هي الأسباب التي قد تحول دون اكتساب هذه المهارة؟ وكيف يمكن علاجها؟
عسر القراءة (الديسليكسيا dyslexie):
عسر القراءة أو ما يعرف بالديسليكسيا (بالفرنسية dyslexie وبالإنجليزية dyslexia) أو اضطراب القراءة هو من أشهر اضطرابات التعلم التي أثارت اهتمام العلماء والمختصين في ميدان التربية والتعليم، نظرا لتأثيرها الكبير على المسيرة التعلمية للأفراد والجماعات. والديسليكسيا تعني عدم قدرة الشخص على القراءة وفك الرموز بشكل سليم على الرغم من توفره على الذكاء الكافي وتوفر كافة الظروف الاجتماعية والثقافية الملائمة لذلك، بالإضافة إلى صعوبات في النطق والكتابة.
يرجع السبب في عسر القراءة (الديسليكسيا dyslexie) إلى عجز الدماغ عن ربط الأصوات التي تنطق
بالحروف التي تطابقها بالشكل الصحيح، وذلك نتيجة خلل وظيفي يصيب بعض مناطق الدماغ
المسؤولة عن معالجة اللغات.
كلمة Dyslexia هي كلمة يونانية الأصل، تم الحصول عليها من خلال دمج كلمتين أساسيتين وهما: كلمة Dys ومعناها الصعوبة وكلمة lexya وتعني الكلمة المقروءة. ويعتبر عالم الأعصاب الفرنسي رودلف بيرلين أول من استخدم كلمة dyslexia وذلك سنة 1872م. ثم توالت بعد ذلك العديد من الدراسات والأبحاث حول هذا الموضوع، حيث أكد جيمس هنشلوود Hinshelwood Jemes في كتابه تعذر القراءة الخلقي سنة 1917م أن العجز يكمن أساسا في الذاكرة البصرية للحروف والكلمات، وقد قام بوصف بعض الاعراض كانتكاسات الحروف وصعوبات في التهجئة والقراءة وفهم المقروء. كما أكد صمويل توري أورتن Samuel Orton على وجود أعراض لعسر القراءة لا علاقة لها بتلف الدماغ من خلال تقديم نظرية الإبصار المقلوب سنة 1925م التي يصف فيها الأشخاص الذين يعانون من اضطراب القراءة بأن لديهم صعوبة في ربط الأشكال البصرية للحروف والكلمات مع أصواتها المنطوقة.
الفرق بين الديسليكسيا dyslexia وأليكسيا Alexia:
الفرق بين الديسليكسيا وأليكسيا يكمن في أن الأولى تعني اضطراب في القراءة بعد تعلمها واكتساب مهاراتها، بينما الثانية تعني اضطراب في القراءة قبل تعلمها.
أعراض الديسلسكسيا وعلاماتها:
يصعب اكتشاف إصابة الأطفال باضطراب القراءة أو الديسليكسا قبل التحاقهم بالمدرسة، فغالبا ما يتم اكتشاف هذا الاضطراب من طرف الأساتذة. إلا أنه هناك بعض الأعراض التي يمكن من خلالها الاكتشاف المبكر لهذه المشكلة والتي تم تصنيفها من طرف العلماء والمختصين حسب الفئات العمرية كالتالي:
مرحلة ما قبل عمر المدرسة:
كما ذكرنا سابقا، يصعب تشخيص اضطراب القراءة قبل ذهاب الطفل إلى المدرسة،
لكن الأطفال الذين تظهر عليهم الأعراض والعلامات الآتية يكونون أكثر عرضة للإصابة
باضطراب القراءة من غيرهم:
-
تأخر في التحدث.
-
البطء في قراءة الكلمات الجديدة.
-
صعوبة في تكوين الكلمات بشكل صحيح، كالخلط
بين الكلمات المتشابهة وعكس الأصوات.
-
صعوبة في تعلم أسماء الألوان والأرقام ...
- صعوبة في تعلم الأغاني والأناشيد والمقاطع الموسيقية.
مرحلة عمر المدرسة المبكر:
-
صعوبة في التهجئة وقراءة الكلمات.
-
صعوب في ربط الأصوات بالحروف التي تمثلها.
-
نقص في الوعي الصوتي.
-
صعوبة في تجزيء الكلمات إلى مقاطع أو مزج المقاطع لتكوين كلمات.
-
صعوبة في التميز بين بعض الكلمات وأضدادها
مثل: تحت /فوق؛ يمين/ يسار ...
-
الخلط بين المقاطع المتشابهة في بعض الكلمات كان يقرأ كلمة animal كالتالي: aminal.
-
حذف بعض الحروف من الكلمة وإضافة حروف أخرى.
-
تكرار بعض الكلمات والمقاطع.
-
صعوبة في ربط الكلمات بمعانيها.
-
صعوبة في قراءة الكلمات غير المألوفة.
-
القراءة بشكل جد بطيء.
-
النفور من الأنشطة التي تعتمد على القراءة.
تلاميذ المدرسة الكبار:
-
صعوبة في القراءة وخصوصا القراءة صوت مرتفع.
-
القراءة والكتابة ببطء وبجهد كبير.
-
صعوب في فهم العبارات والجمل التي تتضمن
الغازا وكنايات ...
-
صعوبة في تلخيص النصوص والقصص ...
-
صعوبة في تعلم لغات جديدة.
- صعوبة في حل المسائل الرياضية.
علاج الديسلسكسيا:
رغم أن الأبحاث والدراسات الكثيرة والمتواترة التي أنجزت حول موضوع اضطراب
القراءة (الديسليكسيا) لم تمكن العلماء والاخصائيين من التوصل إلى علاج نهائي له،
إلا أنه يمكن التخفيف من حدته من خلال متابعة الشخص المصاب وتقديم المساعدة له حسب
ما يتناسب مع درجة الاضطراب الذي يعاني منه و حسب الأسباب والعوامل التي أدت إلى
إصابته بهذا الاضطراب؛ فإن كان هذا الاضطراب ناتجا عن اضطرابات نفسية، لا بد من
تدخل طبيب نفسي بتنسيق مع باقي المتدخلين من أسرة و أطر إدارية و أطر تربوية و
متعلمين، أما إن كان الاضطراب راجع لأسباب تعليمية وبيداغوجية، فينبغي مراجعة
أساليب وطرائق التدريس وكذلك المناهج و والوسائل التعليمية المعتمد في تدريس هؤلاء
الأشخاص قصد مساعدتهم على تجاوز الصعوبات التي تعترضهم.
وفيما يلي بعض الاستراتيجيات التي يمكن للأساتذة الذين يدرسون تلاميذ
يعانون من اضطراب القراءة من أجل مساعدتهم على تحسين مستواهم:
-
تشخيص حالة المصاب من أجل تحديد الطرق والأساليب
المناسبة لتعليمه.
-
تطوير اللغة المكتوبة لدى الطفل المصاب بالديسليكسيا من خلال الأنشطة
الشفهية (أنشطة الاستماع والتحدث).
-
تقسيم المهام الصعبة والكبيرة
إلى خطوات ومراحل من أجل تسهيل أدائها.
-
تكييف الأنشطة التعليمية والاختبارات مع
قدرات الطفل الذي يعاني من اضطراب القراءة.
-
استخدام أدوات تعليمية خاصة لتنمية قدرة
الطفل الذي يعاني من اضطراب القراءة على الاستيعاب.
-
التواصل الدائم والمستمر بين الاسرة والمدرسة والطبيب
المختص.
وعموما، فالديسليكسيا لا تدل في أي حال من الأحوال على نقص الذكاء أو على
إعاقة ذهنية لدى الطفل المصاب بها، وإنما تدل على اضطراب يضعف قدرة الطفل عل
التهجئة والقراء وفهم المقروء.
وأنتم زوار موقعنا الأعزاء، ماذا تعرفون عن الديسليكسيا؟ وهل تعرفون اضطرابات أخرى قد تسبب عسر القراءة؟ شاركونا آراءكم واقتراحاتكم في التعليقات.
ذ. فؤاد أبشري/فاعل تربوي.