📁 آخر الأخبار

 

استراتيجيات التعلم النشط: تعليم القرين

في هذا الجز الثالث من المقال المخصص لاستراتيجيات التعلم النشط، وبعدما تناولنا خلال الجزءين السابقين استراتيجيتي التعلم التعاوني وحل المشكلات، سنتناول استراتيجية أخرى لا تقل عنهما أهمية وهي استراتيجية تعليم القرين. فماهي استراتيجية تعليم القرين؟ وما مدى نجاعتها؟

يعتبر تعليم القرين، او ما يسمى كذلك التثقيف بالنظير، من أبرز استراتيجيات التعلم النشط المتمحورة حول المتعلم، والتي تعتمد على تعليم المتعلمين بعضهم البعض، حيث يقوم المتفوقون منهم بتعليم نظرائهم المتعثرين تحت إشراف وتأطير المدرس.

تتشابه استراتيجية تعليم القرين إلى حد كبير مع استراتيجية التعلم التعاوني، إلا أنهما تختلفان في كون المتعلمين في استراتيجية تعليم القرين يعتبر بعضهم معلمين والبعض الآخر متعلمين.

أهمية استراتيجية تعليم القرين:

تكمن أهمية استراتيجية تعليم القرين في كونها تحفز المتعلمات والمتعلمين على التعاون ومساعدة بعضهم البعض وتزيد دافعيتهم للتعلم، حيث ان القرين المعلم يجب عليه البحث والاجتهاد من اجل التمكن من المادة التي سوف يعلمها للقرين المتعلم والذي بدوره يبذل جهدا كبيرا كي يصبح مثل القرين المعلم، كما أنها -أي استراتيجية تعليم القرين – تخفف العبء على المدرس خاصة في الفصول الدراسية التي تعرف اكتظاظا وتباينا كبيرا في المستوى المعرفي للمتعلمات والتعلمين وفي قدرتهم على الفهم والاستيعاب.

من جهة أخرى، فإن استراتيجية تعليم القرين تخلق نوعا من المنافسة الشريفة بين المتعلمات والمتعلمين، وتقضي على الرتابة والملل، وتجعل من المادة التعليمية وسيلة لتنشيط فضاء الفصل الدراسي.

شروط تفعيل استراتيجية تعليم القرين داخل الفصول الدراسية:

إن كون المتعلمات والمتعلمين هم من يقومون بتعليم بعضهم البعض لا يلغي دور المدرس بشكل نهائي، فمجرد وضع المتعلمات والمتعلمين داخل مجموعات وتكليف بعضهم بتعليم البعض الآخر لن يحقق النتائج المطلوبة، بل يلزمه توفير الشروط الضرورية لإنجاح العملية التعليمية التعلمية  وتحقيق الأهداف المبتغاة والتي نذكر منها:

-          حضور الأستاذ وإشرافه على العملية التعليمية التعلمية وتدخله كلما اتطلب الأمر ذلك.

-          التخطيط الجيد للدرس وتحديد الأهداف والخطوات وتوضيحها للمتعلمين.

-          تأطير "الأقران المعلمين" وتأهيلهم لتعليم زملائهم بشكل فعال.

-          توضيح منهجية العمل وفق استراتيجية تعليم القرين وضوابطها كي يتعاملوا معها بالشكل المطلوب.

أنماط تعلم الأقران:

توجد عدة أنماط لتعليم الأقران تختلف حسب الحاجات والوضعيات وهي:

النمط الأول: يقوم المدرس بتوزيع المتعلمات والمتعلمين من نفس العمر على شكل مجموعات أو ازواج بشكل عشوائي، ثم يقومون باختيار أقرانهم من الفصل الآخر؛ ثم بعد ذلك يتم وضع القرين المعلم والقرين المتعلم في أزواج وفقا لمعايير محددة كالجنس والشخصية والتحصيل ... حيث تتم المزاوجة بين المتعلمين المتفوقين والمتعلمين المتعثرين.

النمط الثاني: في هذا النمط تتم المزاوجة بين متعلمين من أعمار مختلفة حيث يكون القرين المعلم أكبر سنا وأعلى مستوى من القرين المتعلم.

النمط الثالث: في هذا النمط، يقوم المتعلمون بتعليم بعضهم البعض بنفس الطريقة المعتمدة في النمط الثاني لكن في أنشطة خارج البرامج والمناهج الرسمية، حيث يقوم القرين الأكبر سنا بالإشراف على تعليم قرين او مجموعة من الأقران أقل منه سنا في أنشطة خارج نطاق البرامج الدراسية الرسمية.

خطوات تفعيل استراتيجية تعليم القرين:

1-      تحديد المتعلمات والمتعلمين المتعثرين والذين يحتاجون إلى تدريس خاص من طرف أقرانهم.

2-      تهيئة الفضاء المناسب والتنسيق مع الإدارة والزملاء المدرسين.

3-      تحديد الوقت المناسب والمدة الزمنية لتطبيق استراتيجية التعليم بالقرين.

4-      التواصل مع أولياء المتعلمات والمتعلمين وتزويدهم بمعلومات حول استراتيجية التعليم بالقرين.

5-      تحديد الدروس التي سيقوم التلاميذ بتدريسها لأقرانهم والتخطيط الجيد لها.

6-      تدريب المتعلمات والمتعلمين الذين سيدرسون أقرانهم وتأهيلهم للقيام بذلك.

7-      الحرص على تفاعل الأقران المتعلمين مع زملائهم الذين يقومون بتدريسهم.

معوقات تفعيل استراتيجية تعليم القرين:

رغم نجاعة استراتيجية تعليم القرين وما تحققه من نتائج جد إيجابية في تحسين مستوى المتعلمات والمتعلمين الذين يواجهون صعوبات في التعلم، إلا أن تفعيلها في الفصول الدراسية تشوبه مجموعة من العوائق والإكراهات مثل:

-          ضيق الوقت.

-          عدم تمكن الأقران المعلمين من منهجية الاشتغال مع زملائهم المتعلمين.

-          الاكتظاظ وعدم ملاءمة القاعات والفصول الدراسية لتفعيل هذه الاستراتيجية.

-          تقييد المدرس وإلزامه بتنفيذ المقررات الرسمية.

لكن هذه العراقيل والمعوقات تبقى نسبية ولا يمكنها النيل من عزيمة مدرس يتمتع بالضمير المهني وروح المسؤولية ويسعى لتطوير مهاراته ومساعدة متعلميه على تخطي العقبات وتدليل الصعاب.


ترقبوا الجزء المقبل من هذا المقال، مع استراتيجية أخرى من استراتيجيات التعلم النشط خلال الأيام المقبلة.

 

ذ. فؤاد أبشري

تعليقات